top of page
Search
Writer's pictureDr. Arwa Aleryani

اتجاهات واعدة في أبحاث هندسة البرمجيات

في العصر الرقمي الحديث، تعتمد حياتنا اليومية على البرمجيات بشكل كبير. من التطبيقات التي نستخدمها على هواتفنا إلى الأنظمة المعقدة التي تدير الشركات والحكومات، تعتبر البرمجيات جزءاً لا يتجزأ من تقدم المجتمع. ولكن كيف يتم تصميم وتطوير هذه الأنظمة المعقدة؟ الجواب يكمن في مجال هندسة البرمجيات.

هندسة البرمجيات هي مجال من مجالات علوم الحاسوب يهتم بتصميم وتطوير وصيانة البرمجيات بطريقة منهجية ومنظمة. تشمل هندسة البرمجيات استخدام مبادئ هندسية وعلمية لتطوير تطبيقات وأنظمة قادرة على تلبية متطلبات المستخدمين مع ضمان الجودة والأداء. مع التقدم السريع في التكنولوجيا، تظل هندسة البرمجيات في قلب الابتكار. من المتوقع أن يزداد الطلب على مهندسي البرمجيات مع ظهور تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، تعلم الآلة، وإنترنت الأشياء. هذه التقنيات تتطلب أنظمة برمجية أكثر تعقيدًا وذكاءً، مما يعزز أهمية هندسة البرمجيات في المستقبل.

 

أهمية هندسة البرمجيات


هندسة البرمجيات تلعب دورًا حيويًا في صناعة التكنولوجيا. بدونها، سيكون من المستحيل بناء أنظمة برمجية موثوقة وقابلة للتوسع. هنا بعض الأسباب التي تجعل هندسة البرمجيات ذات أهمية كبيرة:

الجودة: تعتمد هندسة البرمجيات على معايير صارمة لضمان جودة البرمجيات. يتم اتباع نهج منهجي للتأكد من أن البرمجيات تعمل بكفاءة ودقة.

القابلية للصيانة: من خلال اتباع منهجيات هندسية، يتم بناء أنظمة قابلة للصيانة والتحديث بسهولة، مما يضمن استمرار البرمجيات في العمل على المدى الطويل.

إدارة التعقيد: في الأنظمة البرمجية الكبيرة والمعقدة، تساعد هندسة البرمجيات في تقسيم المشروع إلى أجزاء صغيرة يسهل إدارتها.

الأمان: هندسة البرمجيات تأخذ بعين الاعتبار أمن المعلومات والبيانات، مما يساعد في بناء أنظمة محمية من التهديدات الأمنية.

 

 

منهجيات هندسة البرمجيات


هناك العديد من المنهجيات التي يمكن اتباعها في هندسة البرمجيات، ومن أشهرها:

  • النموذج التقليدي (Waterfall Model): يعتبر من أقدم المنهجيات، حيث يتم تنفيذ كل مرحلة من مراحل دورة حياة التطوير بشكل متسلسل، أي بعد انتهاء مرحلة تبدأ المرحلة التالية.

  • المنهجية الرشيقة (Agile Methodology): تعتمد على المرونة والتكيف مع التغيرات، حيث يتم تطوير البرمجيات عبر دورات تطوير قصيرة (Sprints) تتيح تعديل المتطلبات باستمرار.

  • النموذج الحلزوني (Spiral Model): يركز على تحديد المخاطر في كل دورة تطوير والعمل على تقليلها، ويجمع بين مزايا النموذج التقليدي والمرونة.

 

أبحاث واعدة في مجال هندسة البرمجيات


أبحاث هندسة البرمجيات تشهد تطورًا مستمرًا مع ظهور تقنيات جديدة وتغير احتياجات الصناعة. وفيما يلي بعض أهم الاتجاهات الواعدة الحديثة في أبحاث هندسة البرمجيات:

 

هندسة البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI-Augmented Software Engineering): أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تلعب دورًا كبيرًا في مساعدة المطورين على كتابة الشيفرات وتصحيح الأخطاء وتحليل الأداء. هذه الأدوات يمكنها توقع التعديلات البرمجية، واقتراح حلول للمشكلات المعقدة في الكود. ومن الأدوات المستخدمة أداة GitHub Copilot هو مساعد ترميز الذكاء الاصطناعي الذي يساعدك على كتابة التعليمات البرمجية بشكل أسرع وبجهد أقل، مما يسمح لك بالتركيز على المزيد من الطاقة على حل المشكلات والتعاون. وأداة abnine هو مساعد ذكاء اصطناعي يساعد المطورين على كتابة التعليمات البرمجية بشكل أسرع مع الحفاظ عليها آمنة ومأمونة. فهو يوفر اقتراحات ذكية للتعليمات البرمجية في بيئة التطوير المتكاملة الخاصة بك استنادًا إلى قاعدة التعليمات البرمجية الخاصة بك والتعليمات البرمجية مفتوحة المصدر المسموح بها.

 

التطوير المستمر والاختبار الآلي (Continuous Integration & Automated Testing): هناك توجه كبير نحو أتمتة عمليات الاختبار والتطوير المستمر لتحسين كفاءة عمليات التسليم السريع (DevOps). التركيز هنا يكون على تطوير أدوات ذكية لاكتشاف الأخطاء وتحليل جودة الكود قبل النشر. ومن الأدوات المستخدمة أداة JUnit هو إطار عمل لاختبار البرامج يساعد المطورين على اختبار تطبيقاتهم. فهو يسمح للمطورين بكتابة الاختبارات بلغة Java وتشغيلها على منصة Java. وأداة Travis CI عبارة عن خدمة تكامل مستمر موزعة ومستضافة تستخدم لبناء واختبار مشاريع البرامج المستضافة على GitHub و Bitbucket.

 

النظم الذاتية (Self-Adaptive Systems): الأبحاث الحديثة تهدف إلى تطوير نظم قادرة على التكيف مع البيئة المحيطة أو متطلبات المستخدم بشكل تلقائي. هذه الأنظمة تعتمد على تعلم الآلة وتحليل البيانات لتعديل سلوكها دون تدخل بشري. هذه الأنظمة شائعة في مجالات مثل الحوسبة السحابية، حيث تحتاج الأنظمة إلى التكيف مع زيادة الطلب على الموارد.

 

هندسة البرمجيات القائمة على البيانات (Data-Driven Software Engineering): الاتجاه نحو الاعتماد على البيانات لتحسين عمليات تطوير البرمجيات من خلال تحليل البيانات الضخمة المتعلقة بعمليات التطوير، الأداء، واستخدام البرمجيات. هذا المجال يشمل استخدام البيانات لتحسين القرارات الهندسية وتوقع المشكلات المحتملة. ومن الأدوات المستخدمة برنامج Apache Hadoop هو إطار عمل مفتوح المصدر يسمح بالتخزين والمعالجة الموزعة لمجموعات كبيرة من البيانات عبر مجموعات من أجهزة الحاسوب باستخدام نماذج برمجة بسيطة.

 

الأمان بواسطة التصميم (Security by Design): مع تزايد التهديدات الأمنية، أصبح هناك توجه نحو تضمين الأمان كجزء أساسي من عملية تصميم وتطوير البرمجيات. الهدف هو بناء أنظمة برمجية آمنة منذ البداية بدلاً من معالجة مشكلات الأمان لاحقًا. ومن التقنيات المستخدمة شفير البيانات، والتحقق من الهوية، وتقنيات الأمان السيبراني، والبرمجة الدفاعية.

 

هندسة البرمجيات لأجهزة إنترنت الأشياء (IoT Software Engineering): إنترنت الأشياء (IoT) يُعد مجالًا جديدًا وواعدًا في أبحاث هندسة البرمجيات. تتطلب هذه الأجهزة تقنيات برمجية جديدة تتعامل مع الاتصال المستمر، القيود في الموارد، والأمان.


البرمجيات القائمة على الخدمات الصغيرة (Microservices Architecture): تطور البرمجيات نحو الاعتماد على الهندسة الميكروية حيث يتم تقسيم التطبيقات الكبيرة إلى خدمات صغيرة ومستقلة تتواصل عبر واجهات برمجية (APIs). هذا النموذج يتيح تحسين الصيانة، التطوير، وتوسيع النظم بشكل أسرع وأكثر كفاءة. ومن الأدوات المستخدمة منصة Kubernetes عبارة عن منصة مفتوحة المصدر وقابلة للتوسيع وقابلة للحمل لإدارة أحمال العمل والخدمات المعبأة في حاويات، مما يسهل كل من التكوين التصريحي والأتمتة. كما أنها تتمتع بنظام بيئي كبير وسريع النمو.

 

هندسة البرمجيات السحابية (Cloud-Native Software Engineering)

تطوير البرمجيات باستخدام نموذج Cloud-Native يُمكِّن التطبيقات من الاستفادة الكاملة من البنية التحتية السحابية. البحث في هذا المجال يركز على تصميم أنظمة برمجية قادرة على التوسع التلقائي، مقاومة الأعطال، والتكيف مع البيئات السحابية المتغيرة. ومن الأدوات المستخدمة التالي: أداة Azure Functions هو حل بدون خادم يسمح لك بكتابة قدر أقل من التعليمات البرمجية، والحفاظ على قدر أقل من البنية الأساسية، وتوفير التكاليف. فبدلاً من القلق بشأن نشر الخوادم وصيانتها، توفر البنية الأساسية السحابية جميع الموارد الحديثة اللازمة لإبقاء تطبيقاتك قيد التشغيل. ومنصة Kubernetes عبارة عن منصة مفتوحة المصدر وقابلة للتوسيع وقابلة للحمل لإدارة أحمال العمل والخدمات المعبأة في حاويات، مما يسهل كل من التكوين التصريحي والأتمتة. كما أنها تتمتع بنظام بيئي كبير وسريع النمو.

 

تطوير هندسة البرمجيات المستدامة (Sustainable Software Engineering): هناك اهتمام متزايد ببناء برمجيات تسهم في تقليل استهلاك الطاقة والموارد. هذا المجال يتطلب تقنيات جديدة لتقليل استهلاك الطاقة من التطبيقات وتحسين كفاءة البرمجيات. تقنيات البرمجة التي تراعي استهلاك الطاقة واستخدام خوارزميات فعالة للطاقة في البنية التحتية للحوسبة السحابية.

 

هندسة البرمجيات القائمة على النماذج (Model-Driven Engineering): يهدف هذا النهج إلى تطوير البرمجيات من خلال تصميم نماذج عالية المستوى تكون مستقلة عن التفاصيل البرمجية. يساعد ذلك في تسريع عملية التطوير وزيادة المرونة من خلال توليد الكود تلقائيًا من النماذج. ومن الأدوات المستخدمة  إطارEclipse Modeling Framework (EMF) وهو إطار عمل للنمذجة ومنشأة لإنشاء التعليمات البرمجية لبناء الأدوات والتطبيقات الأخرى استنادًا إلى نموذج البيانات المنظمة.

 

 

الأبحاث الواعدة في تحسين المنهجيات الرشيقة


تطوير منهجيات الرشيقة في البيئات الكبيرة (Scaling Agile): غالبًا ما يكون تطبيق منهجيات الرشيقة أكثر تحديًا في الشركات والمؤسسات الكبيرة مقارنة بالشركات الصغيرة أو فرق العمل الصغيرة. وتهدف هذه الدراسة إلى تحسين وتكييف منهجيات الرشيقة لتناسب فرق العمل الكبيرة أو البيئات المتعددة الفرق، مثل SAFe (Scaled Agile Framework) أو LeSS (Large-Scale Scrum).


دمج المنهجية الرشيقة مع DevOps: المنهجية الرشيقة تتعامل مع تطوير البرمجيات، بينما DevOps يركز على التشغيل والتسليم المستمر. الجمع بين الاثنين لا يزال يشكل تحديًا لبعض المؤسسات. وتهدف هذه الدراسة إلى تطوير أطر أو تقنيات تساعد على تحسين التكامل بين الرشيقة و DevOps لزيادة الفعالية في تسليم البرمجيات.


استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء في المنهجيات الرشيقة: إدارة المشاريع الرشيقة تعتمد بشكل كبير على الفريق ومدى تفاعله. هناك تحديات في التنبؤ بالأداء وتحديد المشاكل المحتملة. وتهدف هذه الدراسة إلى كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات المتعلقة بإدارة المشروع الرشيق وتحسين عملية اتخاذ القرارات من خلال تطوير نماذج للتنبؤ بمخاطر المشروع واستخدام خوارزميات تعلم الآلة لتوزيع المهام بشكل أكثر فعالية.


المنهجيات الرشيقة لتطوير البرمجيات الحساسة للوقت (Real-Time Systems): بعض البرمجيات، مثل الأنظمة المدمجة أو البرمجيات الحساسة للوقت، تحتاج إلى معايير زمنية صارمة، والتي قد تكون غير ملائمة لتطبيق الرشيقة بشكل تقليدي. الهدف من هذه الدراسة تطوير طرق أو تقنيات لتطبيق منهجيات الرشيقة في تطوير البرمجيات التي تعتمد على الزمن الحقيقي من خلال تحسين إدارة الوقت والموارد في المشاريع الحساسة للوقت.


استخدام المنهجية الرشيقة في تطوير الذكاء الاصطناعي: تطوير مشاريع الذكاء الاصطناعي يتطلب تجارب مستمرة وتعديلات على النماذج، مما قد يختلف عن تطوير البرمجيات التقليدية. تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف كيفية تطبيق مبادئ الرشيقة بشكل أكثر فعالية في تطوير مشاريع الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير نماذج تدريب دورية تتماشى مع دورات عمل المنهجية الرشيقة وكيفية دمج أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن سير عمل الرشيقة لتسريع تطوير النماذج.

 

 الخلاصة


تعد هندسة البرمجيات أساسًا لبناء أنظمة برمجية متقدمة ومستدامة. بفضل المبادئ الهندسية التي تعتمد عليها، يتم تطوير حلول تكنولوجية قادرة على التعامل مع التحديات المعقدة في عالم الأعمال والمجتمع. سواء كنت مهتمًا بالبرمجة أو تطوير الأنظمة الكبيرة، فإن هندسة البرمجيات هي مجال يتيح فرصًا كبيرة للابتكار والإبداع. تستمر أبحاث هندسة البرمجيات في تقديم حلول مبتكرة لتحسين كفاءة التطوير وجودة البرمجيات. من خلال دمج تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية، يتطور هذا المجال ليتعامل مع التحديات الجديدة ويقدم نظمًا برمجية أكثر أمانًا ومرونة وكفاءة.



دكتورة أروى يحيى الأرياني

أستاذ مشارك - تكنولوجيا المعلومات

باحث ومستشار أكاديمي

 

 

 " لتسجيل متابعة، حتى يصلك الجديد من المدونة الأكاديمية أضغط هنا  Dr. Arwa Aleryani-Blog





 

 

 

 

25 views0 comments

Comments


bottom of page